مصر تعيد تشكيل قدراتها العسكرية.. ومقاتلات جديدة بانتظار القرار النهائي

في سياق سعيها المستمر لتنويع مصادر تسلحها وتوسيع دائرة شركائها الدوليين، تواصل مصر انتهاج سياسة متوازنة تمنع ارتهان قرارها العسكري لأي طرف خارجي، في ظل بيئة إقليمية شديدة التشابك والتقلب. فبينما تنفتح القاهرة على صفقات غربية كبرى، فإنها لا تستبعد الخيارات الشرقية، إذ يبقى المعيار الأهم بالنسبة لها هو تعزيز قدرات الدفاع الوطني.
وفي هذا الإطار، التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي سكرتير مجلس الأمن الروسي سيرغي شويغو، الذي وصل إلى القاهرة على رأس وفد رفيع يضم مسؤولين بارزين في مجالي التسلح والطاقة النووية. وكانت وكالة “تاس” الروسية قد أشارت إلى أن المحادثات ستتناول آفاق تنفيذ الاتفاقات الموقعة على أعلى المستويات، وبخاصة ما يتعلق بالتعاون العسكري والعسكري-التقني.
وتأتي هذه الزيارة في لحظة حساسة، إذ يُحتمل أن تفتح شهية القاهرة للعودة إلى بدائل التسليح الشرقية، خصوصاً مع حالة الجمود التي تشهدها صفقة مقـ ـاتلات F-15 مع الولايات المتحدة منذ أشهر، إذ لم تصدر حتى الآن أي إشارة رسمية من واشنطن حول التزام واضح بتنفيذ الصفقة أو تحديد جدولها الزمني، وسط اعتراضات إسـ ـرائيـ ـلية متكررة على تنامي القدرات الجوية المصرية، حتى أن تل أبيب صنّفت المناطق الحدودية مع مصر كمنطقة عسكرية مغلقة
في المقابل، تبرز الصين كخيار ثالث قابل للتطبيق، ولا سيما مع المقـ ـاتلة J-10C التي اكتسبت سمعة لافتة بفضل قدرتها على حمل صواريخ جو–جو بمديات تتجاوز 200 كيلومتر ما يجعلها ذات تنافسية كبرى في المعارك، إلى جانب تكلفتها المقبولة نسبياً مقارنة بنظيراتها الغربية.
وبعد أحداث السابع من أكتوبر وما أعقبها من تحولات عميقة في برامج التـ ـسلح الإقليمية، تجد القاهرة نفسها أمام ضرورة مواكبة ميزان القوى المتغير، وعدم الركون إلى سياسة رد الفعل. فمنذ سنوات، تدرس مصر ملف تجديد أسطولها الجوي، وهي تبقي جميع الخيارات مفتوحة: الأميركي، والروسي، والصيني. والسؤال الذي يفرض نفسه هو أي مقاتلة يمكن أن تخدم القوات الجوية المصرية لعقود قادمة؟
من بين الخيارات المطروحة، تتصدر مقاتلة F-15EX الأميركية التي تمتاز بقدرتها على تنفيذ ضربات بعيدة المدى، سواء استُخدمت لاستهداف أهداف استراتيجية أو لحماية المجال الجوي فوق البحرين الأحمر والمتوسط. غير أن تكلفتها الباهظة واشتراطات الإدارة الأميركية على تزويد مصر بتكنولوجيا حساسة تقف عائقاً حقيقياً
أما المقـ ـاتلة الروسية سو-35، وهي من الجيل الرابع المتقدم، فتمتاز بحمولة كبيرة تصل إلى ثمانية أطنان من الأسلـ ـحة، وبقدرات قوية في القتالين الجوي والأرضي، وقد خضعت لاختبارات واسعة في الحـ ـرب الأوكرانية. إلا أنها أقل جاذبية بسبب صعوبة صيانتها واحتمال تعرض مصر لعقوبات أميركية في حال التعاقد عليها.



