
في مثل هذا اليوم، لم تُولد مجرد موهبة، بل وُلد تاريخ فني كامل. 17 مايو لم يعد يومًا عاديًا، بل صار مناسبة للاحتفال بحكاية اسمها عادل إمام—الزعيم الذي غيّر شكل الضحكة في وجداننا، وأضاف طعمًا خاصًا للسينما والمسرح والتلفزيون.
من قرية شها في محافظة الدقهلية، خرج الشاب النحيل بعينين لامعتين نحو القاهرة، لا يحمل سوى أحلامه ولهجة لا تُخطئها أذن مصرية. من خشبة المسرح الجامعي إلى خشبة “مدرسة المشاغبين”، رسم عادل إمام مسارًا لم يتكرر، كان فيه التلميذ والمعلّم، البطل والخصم، الضاحك والباكي.
عادل إمام ليس ممثلًا فقط، بل حالة فنية واجتماعية وسياسية.
هو المرآة التي عكست كل التحوّلات، دون أن تتكسر.
ورغم ابتعاده عن الكاميرا في السنوات الأخيرة، إلا أن حضوره لا يغيب:
في لقطة، في كلمة، في ضحكة، في “إفيه” يُشعل ذاكرة جيل ويصنع ذاكرة جديد.
لكن ماذا يعني أن يكون عادل إمام؟
يعني أن تكون صوت الناس، ولسان حالهم، وذاكرتهم الضاحكة والبكاءة.
هو “المنسي” الذي أنصف البسطاء، و”المتسول” الذي كشف زيف النخب، و”الإرهابي” الذي فتح عيوننا على عواقب التطرف، و”مرجان أحمد مرجان” الذي سخر من منظومة السلطة والمال.
هو أيضًا “السفارة في العمارة”، و”طيور الظلام”، و”شاهد ماشفش حاجة”، و”كراكون في الشارع”، و”اللعب مع الكبار”، و”الإرهاب والكباب”، وغيرها من الأعمال التي ما زالت تتردد جُملها على ألسنتنا حتى اليوم
عادل إمام ليس مجرد نجم، بل حالة اجتماعية، مرآة عكست تحوّلات السياسة والمجتمع، دون أن تفقد بريق الفن أو رصانة الموقف.
ورغم غيابه عن الأضواء في السنوات الأخيرة، إلا أن حضوره لا يزال طاغيًا؛ في جُمل نُرددها، وفي ضحكة تورّثها الأجيال، وفي مشهد يطل علينا فجأة فنقف احترامًا.
في عيد ميلاده الـ85، لا نُطفئ الشموع، بل نشعلها.
نُضيء بها أرشيفًا لا ينتهي من الفن النظيف، والرسائل الذكية، والبصمة التي لا تُنسى.
كل سنة وأنت زعيم الفن والوجدان يا عادل إمام.